Skip to main content

كيف نتعامل مع قلق العودة إلى العمل (Post-vacation blues)

القدرة على العمل وانجاز المهام هي أحد وسائل المجتمعات البشرية في تبادل المنافع الاجتماعية (مثال: يعمل الحداد على صنع الأبواب اللي تحمي أبواب الفران الذي يعمل على توفير الطعام للحداد، وهكذا دواليك) لكن في عالم متسارع الوتيرة كذاك الذي نحيا بداخله تصبح المهام وانجازها أكثر فأكثر تعقيداً. 

ما الذي تعنيه زيادة تعقيد المهام الاجتماعية (أو الوظائف المطلوبة داخل المجتمع) بالنسبة للأفراد داخل منظومة العمل؟
 يعني ذلك الكثير، ولكن في سياق موضوع المقال والذي يتمحور حول قلق العودة إلى العمل، أو قلق ما بعد الأجازات، يعني ذلك أن هناك المزيد من التفاصيل اليومية التي يقوم العقل بحفظها، لمدى أهميتها وتكراريتها في سياق العمل. لكن ما الذي يحدث عند التوقف عن تلك التفاصيل اليومية لفترة؟ ثم العودة لها مرة أخرى بشكل مفاجئ؟ هنا يحدث ما يعرف بقلق العودة إلى العمل، وهو ما سنحاول فهم ديناميكياته فيما يلي.



  (Post-vacation blues / Back-to-work Anxiety) لماذا نصاب بقلق العودة إلى العمل


مفهوم الأجازات الموسمية أو (التوقف عن العمل لفترة قصيرة) أو مفهوم موازنة الحياة الشخصية والحياة العملية يساهمان بشكل كبير في تعريف معنى أو أهمية أوقات الأجازات بالنسبة للعديد منا. 

قد يرى بعض الناس أن قضاء أوقاتهم في مشاهدة الوثائقيات والدراما هو طريقتهم المُثلى لتحقيق التوازن بين الحياة الاجتماعية والحياة العملية. فيما يرى البعض الآخر أن قضاء نفس ذلك الوقت في ممارسة الرياضة أو القيام بعمل إبداعي هو ما يحقق التوازن. يتفق الناس أو يختلفون حول مفهوم الأجازات، نحن نحتاج ذلك المفهوم لكي نصل إلى توازن مقبول نفسياً بين ضغوطات الحياة الاجتماعية وتحديات الحياة العملية. 

لكن سنجد في حالات متعددة أن السعادة المتوقعة في التوازن بين الحياة الاجتماعية والحياة العملية (الممثلة في قضاء وقت الأجازة) ليست سعادة متحققة كما يعتقد الكثير منا، بل على العكس، يمكن أن يؤدي قضاء وقت الأجازة إلى المزيد من عدم السعادة أو القلق، تحديداً عند بلوغ نهايات ذلك الوقت، والمطالبة بالرجوع إلى الحياة العملية مرة أخرى.

لنكن صادقين للحظة: حتى وان أحببنا وظائفنا، ما زالت فكرة العودة إلى العمل فكرة مضجرة إلى الكثيرين. لكن لماذا تصبح فجأة فكرة مضجرة؟ في حين أن سبب قضائنا لأوقات الأجازات هو، على النقيض، أحد الوسائل لمحاربة الضجر؟

لنكن صادقين أيضاً: ليست المسئولية المطلوبة في الحياة العملية بالشيء المستساغ دوماً. هكذا تعلمنا من الحياة، ليس كل ماهو مهم مستساغ. انها طبيعة الواقع اذن، المستساغ سهل، لكن غير فعال، الفعال صعب المضغ، لكن فعال، ذلك التناقض هو ما يميز حقاً واقعنا اليوم.

بالإضافة لكونها حالة عامة مرتبطة بالعديد من الأشخاص، إلا أن الموضوع يصبح أكثر حدة عندما يكون هناك تاريخ مسبق لاضطرابات القلق عند الشخص. عندها يصبح أكثر قابلية للاقتناع بشكل ما أن انعدام حالة الراحة/الاستقرار المرتبطة بوقت الأجازة سينتهي ويصبح غير قابل للتحقق مرة أخرى، ومن هنا مربط الفرس.

لكن، ان اقتنعنا أن تلك هي ديناميكية طبيعية الحدوث بالنسبة للتغيّر بين ما يتطلبه وقت العمل وما تتطلبه أوقات الأجازات، فنحن بأي حال كائنات اجتماعية، ونحن أيضاً نميل إلى الاستقرار والراحة، وننفر من الجديد والمجهول. ولكن الميل والنفور لا يخبرانا الكثير عن "القدرة على التعايش". فإن أي منا عرضة للوقوع في تلك الدائرة المغلقة، وذلك الشعور المثبط للعزيمة، كيف من الممكن اذن أن نخفف وطأته؟ أو كيف يمكن التعامل مع ذلك الشعور ان وقعنا تحت وطأته بالفعل؟ 

بعض الإضاءات السريعة في  محاولات التخفيف من وطأة تلك الظاهرة

قم بتنظيف مساحة عملك قبل العودة إلى العمل: قم بفعل ذلك قبل البدء في العمل أو عند العودة إلى العمل بعد فترة انقطاع، قم بترتيب مساحة العمل الخاصة بك، سواء تنظيم مساحة المكتب، أو حتى المساحات الافتراضية، كتنظيم قائمة المهام المطلوب عملها، أو تفقد الايميل الالكتروني وتنظيم الرسائل، لا تقم بالتركيز كثيراً على محتويات المهام، قم بالتركيز على شكل المهام وتنظيمها.

قم بعمل وقت مستقطع لتنظيم مهامك وتوقياتها وأولياتها: قم باستخدام أحد أساليب تنظيم أهمية المهام من حيث حجمها وتأثيرها، هناك طريقة مشهورة وسهلة تسمى بطريقة ايزينهاور (Eisenhower Matrix)




ضع القليل من الإثارة بعد القليل من العمل: عند الرجوع من الأجازة، قم باستهداف الأيام الأولى، وقم بالتخطيط لشيء يضيف لك القليل من الإثارة، كمشاهدة عمل مسرحي، أو كممارسة الرياضة، أو كتقضية وقت فراغك في قياس الأبعاد بين أبعاد الغرفة. أياً ما كنت تستمع به.

حسناً، ولكن إن كنا قد بدأنا نشغل بالفعل بأعراض تلك الظاهرة، كيف يمكن التغلب على تلك الاعتراضات؟


قم بتنظيم بعض الوقت مع الأصدقاء والعائلة: يمكن للأشخاص القريبين منك فهم الحالة التي تمر بها، ويمكن لقضاء الوقت معهم أن يمنحك ذلك الشعور بالعودة مرة أخرى لثنائية العمل والحياة الشخصية، وأن كل شيء على ما يرام.

قم بأخذ نزهات للتمشية: للمشي فوائد عديدة، منها على سبيل المثال حرق السعرات والتأمل، يمكن لذلك الفعل البسيط أن يغير من مزاجك النفسي بشكل كبير وفعال.

أتمنى لكم التوفيق مع موسم العودة إلى العمل. 

لفهم المزيد عن تلك الظاهرة من خلال الروابط التالية:
  • https://emotion-focused.com.au/post-holiday-anxiety-back-to-work-blues/
  • https://www.verywellmind.com/what-are-the-post-holiday-blues-5214403
  • https://en.wikipedia.org/wiki/Post-vacation_blues
  • https://www.healthline.com/health/post-vacation-blues#how-to-overcome
  • https://www.webmd.com/balance/features/after-vacation-tips-to-bounce-back-fast
  • https://www.psycom.net/depression/post-holiday-depression



Comments

Popular posts from this blog

How could some people deceive software major students? (In Arabic)

“كلنا عارفين أهمية هندسة البرمجيات اليومين دول، وعارفين إن لغات البرمجة وإتقانها شيء مهم جداً في CV أي مبرمج وحاجة بتخلي الشركات الكبيرة تحط عينها عليك. وعشان احنا عارفين إن الكورسات الأونلاين طويلة ومرهقة عملنالك أحسن منحة تدريبية في مدينة المنصورة ومدن الدلتا لمدة شهرين، برنامج متكامل عشان تبقى مهندس برمجيات بفئة A+ عشان تبدأ تغير عالم البرمجيات وتصنع الفارق وتخلي السيرة الذاتية بتاعتك مميزة ودسمة ^_^ الأول هنعرفك يعني إيه لغات برمجة تشفيرية والفرق بينها وبين لغات البرمجة الرقمية وبعدين هناخدك في جولة في تقنيات الويب والموبايل والديزاين بأحدث الإصدارات لعام 2016 وهنعملك امتحانات دورية عشان نتأكد إنك فاهم المحتوى كويس. الكورس هيبقى محتوى تدريبي يؤهلك للحصول على شهادة الـ IFEDS الأمريكية المعتمدة من وزارة الخارجية القطرية واللي مسموح لحاملها بالدخول لدول الاتحاد الأوروبي بفيزا حرة! محتوى الكورس: 1- مقدمة للغات البرمجة التشفيرية ( 6 حصص + امتحان تمهيدي ) 2- لغات الويب الخفية ( 7 حصص + امتحان على اللغات التشفيرية + امتحان تمهيدي ) 3- لغات التصميم السوية ( 9 حصص + ا...

سبر أغوار العقل البشري - نظرية العقل كصفحة الفارغة لچون لوك

نستكمل اليوم رحلة فلسفية أخرى والتي هي بمثابة مغامرة جريئة! منذ فترة قريبة، كنا نستكشف فكرة المعرفة الفطرية، التي أذهلت الفلاسفة العباقرة ذوي الأفكار الثورية. سابقًا، تعرضنا بشيء من التفصيل المبسّط لمفكرين عظماء مثل إيمانويل كانط . وهو من شاكلة المفكرين المثاليين الذين اعتقدوا أنّ عقولنا تأتي إلى العالم مزوّدة بمبادئ أولى عن المفاهيم التي نعاصرها في عالمنا.، والتي تُدعى بالمعرفة الفطرية. ( رابط الفيديو الذي يتحدث عن نظرة إيمانويل كانط للمعرفة الفطرية ) . الآن سنغير المسار قليلًا. وسنتجه إلى الفريق المقابل للفلاسفة المثاليين، وعلى رأس هذا الفريق هناك "چ ون لوك " وهو مرشدنا في مهمة اليوم الجريئة. إنه بمثابة المحقق الجاد في عالم الأفكار. لوك ، الفيلسوف والطبيب الشهير، يتحدى فكرة المعرفة الفطرية، ويقول أن عقولنا تكون عبارة عن ألواح فارغة عندما نولد، دون أي معرفة فطرية. في هذه المقالة، سوف ننظر عن كثب إلى فكرة المعرفة الفطرية ولكن من زاوية مختلفة، التي يمكننا أن نسميها بزاوية الفلسفة " الماديّة ". يقول لوك إننا لا ندخل إلى العالم بأفكار مُدمجة بشكل فطري، بل نتعلم الأشيا...

تساؤلات حول مفهوم "البطل" في المجتمعات البشرية

 لا شك أن العديد من أبناء جيلي قد تربوا ونشأت أفكارهم في ريعان تشكّلها على العديد من مسلسلات الكارتون والقصص المصورة، حيث العديد من الأحداث التي تمر على مجموعة من الشخصيات المتخيّلة في ذهن المؤلف، في عالم يتسم عادة بالمثالية وينصف في النهاية أولئك الذين يتصدون بضراوة لقوى الشر ومخاوف الإنسان، أولئك الذين لا يترددون في حماية مجتمع، أو إنصاف مظلوم، أو دحر ظالم.  فسواء كنت من محبي الأنمي الياباني ، أو مسرحيات شكسبير الكلاسيكية، أو حتى الأفلام والمسلسلات المعاصرة، فستجد على نحو مغاير أن هناك بعض الشخصيات المحورية التي يدور حولها العمل الفني ويقوم بنسج الأحداث المختلفة حولها ليحث بداخلنا المحاكاة الخيالية لحيواتهم ومشاكلهم، وبالتالي يأخذنا في مدارات تلك الأحداث حول بعض الاستنتاجات والدروس الأخلاقية، أو .حتى الخبرات الحياتية المتوارثة في أُطر هذه الثقافة أو تلك القاسم المشترك بين تلك الأعمال الفنية المختلفة هو قواعد "الدراما" التي نستطيع تقفي أثرها تاريخياً وصولاً لإحتفالات وأعياد "ديونيسيا" في مدينة أثينا اليونانية القديمة، والتي تُعرف تاريخياً بكونها الميلاد الحضاري للد...