كانت سارة تجوب شوارع المدينة ليلًا، ممسكةً بهاتفها الذكي الذي يطلق كل ثانيتين صوت إشعار، منبهًا إياها إلى من ينتظر ردها على رسالته ومن أعجب بتعليقها على منشور الإنستجرام الأخير ومن وافق على طلب صداقتها، أضف إلى هذا عشرات، بل مئات الإعجابات التي تتلقاها بشكل يومي على صورها من صديقاتها الكثيرات، مع تعليقات تمتدح إطلالاتها الأنيقة وذوقها الرفيع. انتبهت سارة للتو إلى أنها، وعلى الرغم من كل هذا الزخم المحيط بها، تتمشى وحدها في هذه الساعة المتأخرة من الليل، لأنها لم تجد من يرافقها، فالصديقات دائمًا مشغولات، لا يستطعن فعل ما هو أكثر من ضغط زر إعجاب أو كتابة تعليق. شعرت سارة بالحزن لأن ملابسها التي حصدت 500 إعجابًا و350 تعليقًا على إنستاجرام، لم تحصد إعجابًا أو تعليقًا واحدًا في الحياة الواقعية. كانت على وشك الجلوس في أحد المقاهي القريبة والرد على الرسائل المتراكمة منذ ساعة ونصف، حين شعرت فجأة بالانفصال عن كل شيء؛ حيث تذكّرت وقتًا كانت فيه الصداقات تتغذى على المحادثات الحقيقية الصادقة في البيوت والمقاهي، وحين كان صدى الضحكات يتردد في غرف المعيشة والشوارع، وحين كانت الرسائل تمثل شكلاً عزيز...
Where technology, philosophy, and life experiences meet together.